آخر المواضيع

التسجيل الصوتي (الجس الصوتي) | Sonic logging

التسجيل الصوتي (Sonic Logging): تحليل شامل للخصائص الصوتية والميكانيكية للطبقات الصخرية

يُعد التسجيل الصوتي (Sonic Logging)، والذي يُعرف أيضًا باسم التسجيل الصوتي الصوتي أو سجل المسامية الصوتي، أحد أهم تقنيات جس الآبار (Well Logging) المستخدمة في صناعة النفط والغاز. تعتمد هذه التقنية على قياس سرعة انتشار الموجات الصوتية عبر الطبقات الصخرية المحيطة بالبئر، وهو ما يوفر معلومات قيّمة حول خصائص متعددة للتكوين الصخري. لا يقتصر دور التسجيل الصوتي على تحديد المسامية فحسب، بل يمتد ليشمل تقييم نوع الصخور (Lithology)، وتحديد الخصائص الميكانيكية للصخور، وربط بيانات البئر بالبيانات السيزمية، وتقييم جودة التسميت خلف أنابيب التغليف. تطورت أدوات التسجيل الصوتي بشكل كبير من مجسات بسيطة ذات مرسل ومستقبل واحد إلى أنظمة مصفوفة متطورة تسجل الموجة الصوتية الكاملة، مما أتاح استخلاص مجموعة واسعة من البيانات الدقيقة التي تساهم في فهم المكمن النفطي وتطويره بكفاءة وأمان.

التسجيل الصوتي (الجس الصوتي) | Sonic logging

المبادئ الفيزيائية الأساسية للتسجيل الصوتي

لفهم كيفية عمل التسجيل الصوتي وتفسير بياناته، لا بد من استيعاب المبادئ الفيزيائية التي تحكم انتشار الموجات الصوتية في الأوساط المختلفة. تعتمد هذه التقنية بالكامل على قياس زمن انتقال نبضة صوتية عبر مسافة محددة من الصخور، ومن هذا القياس يمكن استنتاج العديد من الخصائص البتروفيزيائية والجيوميكانيكية.

طبيعة الموجات الصوتية وأنواعها في جس الآبار

عندما تُطلق أداة التسجيل الصوتي نبضة صوتية في سائل الحفر داخل البئر، تنتشر هذه الطاقة في جميع الاتجاهات. جزء من هذه الطاقة ينتقل عبر سائل الحفر، وجزء آخر يخترق جدار البئر وينتقل عبر التكوين الصخري. عند حدود التكوين، تتحول الطاقة الصوتية إلى عدة أنواع من الموجات التي تنتشر بسرعات مختلفة وتعتمد على خصائص الوسط الذي تنتقل فيه. الأنواع الرئيسية للموجات التي يتم تسجيلها وتحليلها هي:

  • الموجات الانضغاطية (Compressional Waves or P-waves): هي أسرع الموجات الصوتية، وتنتقل عبر كل من المواد الصلبة والسوائل والغازات. في هذه الموجات، تهتز جزيئات الوسط في نفس اتجاه انتشار الموجة، مما يسبب تتابعًا من مناطق الانضغاط والتخلخل. نظرًا لسرعتها العالية، فإنها أول موجة تصل إلى أجهزة الاستقبال في أداة التسجيل الصوتي، ويُستخدم زمن وصولها لتحديد زمن العبور الانضغاطي (Compressional Transit Time).
  • موجات القص (Shear Waves or S-waves): هي موجات أبطأ من الموجات الانضغاطية، وتنتقل فقط عبر المواد الصلبة التي تمتلك صلابة قص (Shear Rigidity). في هذه الموجات، تهتز جزيئات الوسط بشكل عمودي على اتجاه انتشار الموجة. لا يمكن لموجات القص أن تنتشر في السوائل أو الغازات لأن هذه الموائع لا تقاوم إجهادات القص. وصول موجات القص بعد الموجات الانضغاطية يوفر معلومات إضافية حيوية، خاصة للخصائص الميكانيكية للصخور.
  • موجات ستونلي (Stoneley Waves): هي نوع من الموجات السطحية الموجهة (Guided Surface Waves) التي تنتشر على طول جدار البئر، أي عند السطح الفاصل بين سائل الحفر والتكوين الصخري. تتميز هذه الموجات بأنها ذات تردد منخفض وسعة عالية، وهي أبطأ من موجات القص. تتأثر موجات ستونلي بشدة بخصائص سائل الحفر وخصائص التكوين القريبة من جدار البئر، مثل النفاذية والكسور.
  • الموجات المباشرة في السائل (Direct Fluid Waves): هي الموجات التي تنتقل مباشرة عبر سائل الحفر من المرسل إلى المستقبل دون الدخول إلى التكوين. تكون سرعتها ثابتة وتعتمد فقط على خصائص سائل الحفر (الكثافة والانضغاطية). يتم تمييزها واستبعادها أثناء المعالجة لتركيز التحليل على موجات التكوين.

مفهوم السرعة الصوتية وزمن العبور (Slowness)

المعلمة الأساسية التي يقيسها التسجيل الصوتي ليست السرعة بشكل مباشر، بل مقلوبها، والذي يعرف باسم زمن العبور (Transit Time) أو البطء (Slowness)، ويرمز له بالرمز Δt أو DT. يُعرَّف زمن العبور بأنه الزمن الذي تستغرقه الموجة الصوتية لتقطع مسافة قدم واحدة (أو متر واحد) عبر التكوين. الوحدة الشائعة لقياسه هي ميكروثانية لكل قدم (µs/ft) أو ميكروثانية لكل متر (µs/m).

العلاقة بين السرعة (V) وزمن العبور (Δt) بسيطة:

$$ V = \frac{1}{\Delta t} $$

حيث تكون وحدات V هي قدم/ميكروثانية (أو متر/ميكروثانية) عند استخدام الوحدات المقابلة لـ Δt. يتم تفضيل استخدام زمن العبور في صناعة النفط لأنه يتناسب خطيًا مع المسامية في العديد من الحالات، مما يسهل الحسابات والتفسيرات.

تعتمد سرعة الموجات الصوتية (وبالتالي زمن العبور) بشكل مباشر على الخواص المرنة (Elastic Properties) والكثافة (Density) للمادة التي تنتقل خلالها. يتم وصف هذه العلاقة من خلال المعادلات التالية المستمدة من نظرية المرونة:

لسرعة الموجة الانضغاطية (Vp):

$$ V_p = \sqrt{\frac{K + \frac{4}{3}G}{\rho_b}} $$

لسرعة موجة القص (Vs):

$$ V_s = \sqrt{\frac{G}{\rho_b}} $$

حيث:

  • ρb (Bulk Density): كثافة التكوين الكلية.
  • K (Bulk Modulus): معامل الحجم، وهو مقياس لمقاومة المادة للانضغاط المنتظم.
  • G (Shear Modulus): معامل القص، وهو مقياس لمقاومة المادة لتشوه القص.

توضح هذه المعادلات أن أي تغيير في نوع الصخر (الذي يغير K و G) أو المسامية والموائع الموجودة فيها (التي تغير ρb و K) سيؤدي إلى تغيير في سرعات الموجات الصوتية المسجلة.

معادلة ويلي للزمن المتوسط (Wyllie Time-Average Equation)

تُعد معادلة ويلي للزمن المتوسط حجر الزاوية في حساب المسامية من التسجيل الصوتي. إنها علاقة تجريبية تفترض أن الزمن الكلي الذي تستغرقه الموجة الصوتية لقطع مسافة معينة في صخر مسامي هو مجموع الأزمنة التي تقضيها الموجة في المرور عبر مصفوفة الصخر الصلبة (Matrix) والموائع الموجودة في المسام (Pore Fluid).

الصيغة الأساسية للمعادلة هي:

$$ \Delta t_{log} = \phi \cdot \Delta t_{fluid} + (1 - \phi) \cdot \Delta t_{matrix} $$

حيث:

  • Δt_log: زمن العبور الكلي الذي تقيسه أداة التسجيل الصوتي (µs/ft).
  • ϕ (Porosity): المسامية، وهي النسبة المئوية للحجم المسامي في الصخر.
  • Δt_fluid: زمن العبور في المائع الذي يملأ المسام (µs/ft).
  • Δt_matrix: زمن العبور في مصفوفة الصخر الصلبة الخالية من المسام (µs/ft).

بإعادة ترتيب المعادلة، يمكن حساب المسامية (ϕ) مباشرة:

$$ \phi_{sonic} = \frac{\Delta t_{log} - \Delta t_{matrix}}{\Delta t_{fluid} - \Delta t_{matrix}} $$

قيم زمن العبور النموذجية للمصفوفات والموائع:

للحصول على حساب دقيق للمسامية، يجب استخدام قيم صحيحة لـ Δt_matrix و Δt_fluid. هذه القيم تختلف باختلاف نوع الصخر والمائع.

المادة Δt (µs/ft) Δt (µs/m)
صخور رملية (Sandstone) 51.0 - 55.5 167 - 182
صخور جيرية (Limestone) 47.5 156
صخور دولوميتية (Dolomite) 43.5 143
ملح (Salt) 67.0 220
أنهيدريت (Anhydrite) 50.0 164
ماء عذب (Fresh Water) 189 620
ماء مالح (Salt Water) 185 607
نفط (Oil) ~230 ~755
غاز طبيعي (Natural Gas) يعتمد بشدة على الضغط والحرارة

حدود وافتراضات معادلة ويلي:

على الرغم من فائدتها الكبيرة، إلا أن معادلة ويلي مبنية على عدة افتراضات قد لا تكون صحيحة دائمًا، مما يؤدي إلى أخطاء في حساب المسامية. هذه الافتراضات تشمل:

  1. أن التكوين متجانس (Homogeneous) وموحد الخواص (Isotropic).
  2. أن المسامية أولية وبين الحبيبات (Intergranular). لا تعمل المعادلة بشكل جيد في الصخور ذات المسامية الثانوية مثل الكسور (Fractures) أو الفجوات (Vugs).
  3. أن الصخور متماسكة (Consolidated) ومضغوطة جيدًا. في الصخور غير المتماسكة، تكون قيمة Δt_log أعلى من المتوقع، مما يؤدي إلى تقدير مبالغ فيه للمسامية. يتم تطبيق معامل التصحيح للتضاغط (Compaction Correction Factor - Cp) في هذه الحالات.
  4. أن مسام الصخر مملوءة بالكامل بسائل واحد (عادة ماء). وجود الغاز (Gas Effect) يقلل بشكل كبير من سرعة الموجة الانضغاطية (يزيد Δt_log)، مما يؤدي إلى حساب مسامية عالية جدًا وغير واقعية.

بسبب هذه القيود، تم تطوير معادلات أخرى مثل معادلة رايمر-هنت-غاردنر (Raymer-Hunt-Gardner) التي تقدم نموذجًا أكثر تعقيدًا ولكنه غالبًا ما يكون أكثر دقة في نطاق واسع من المساميات وأنواع الصخور.

أدوات وتقنيات التسجيل الصوتي

شهدت تكنولوجيا التسجيل الصوتي تطورًا ملحوظًا عبر العقود، بدءًا من الأدوات البسيطة التي كانت عرضة للأخطاء البيئية، وصولًا إلى الأدوات المصفوفية المعقدة التي توفر ثروة من المعلومات. فهم تصميم هذه الأدوات ومبدأ عملها ضروري لتقييم جودة البيانات وتفسيرها بشكل صحيح.

تطور أدوات التسجيل الصوتي

1. الأدوات الأولية (Single Transmitter, Single/Dual Receiver)

كانت أولى أدوات التسجيل الصوتي تتكون من مرسل (Transmitter) واحد ومستقبل (Receiver) واحد. كانت هذه الأدوات تقيس ببساطة زمن وصول أول نبضة صوتية (الموجة الانضغاطية) من المرسل إلى المستقبل. ومع ذلك، كانت هذه القياسات غير دقيقة للغاية وتأثرت بشدة بقطر البئر، وخصائص سائل الحفر، وميلان الأداة (Tool Tilt) داخل البئر.

تم إدخال تحسين لاحق بإضافة مستقبل ثانٍ. من خلال قياس الفارق الزمني لوصول الموجة بين المستقبلين، تمكن المهندسون من التخلص من تأثير الزمن الذي تستغرقه الموجة للانتقال عبر سائل الحفر. ومع ذلك، ظلت مشكلة ميلان الأداة قائمة، حيث أن أي ميلان يؤدي إلى اختلاف في مسار الموجة لكل مستقبل، مما يسبب خطأ في حساب Δt.

2. أدوات التعويض البئري (Borehole Compensated - BHC)

للتغلب على مشكلة ميلان الأداة وتأثيرات التغيرات في قطر البئر (Washouts)، تم تطوير أداة التعويض البئري (BHC). يعتمد تصميم هذه الأداة على مبدأ التبادلية والمتوسط الحسابي.

يتكون نظام BHC النموذجي من:

  • مرسلين صوتيين (Transmitters)، واحد في الأعلى (T_up) والآخر في الأسفل (T_down).
  • مستقبلين صوتيين (Receivers)، واحد في الأعلى (R_up) والآخر في الأسفل (R_down)، أو مصفوفتين من المستقبلات.

تتم عملية القياس على دورتين:

  1. الدورة الأولى (Upward Firing): يقوم المرسل السفلي (T_down) بإطلاق نبضة صوتية. يتم قياس الفارق الزمني لوصول الموجة بين المستقبلين (Δt_up) = (زمن وصول R_up - زمن وصول R_down).
  2. الدورة الثانية (Downward Firing): يقوم المرسل العلوي (T_up) بإطلاق نبضة صوتية. يتم قياس الفارق الزمني لوصول الموجة بين المستقبلين (Δt_down) = (زمن وصول R_down - زمن وصول R_up).

يتم بعد ذلك حساب متوسط القراءتين:

$$ \Delta t_{compensated} = \frac{\Delta t_{up} + \Delta t_{down}}{2} $$

هذا المتوسط يلغي بشكل فعال الأخطاء الناتجة عن ميلان الأداة والتغيرات الموضعية في قطر البئر، مما يوفر قياسًا أكثر دقة لزمن عبور التكوين الصخري. ظلت أدوات BHC هي المعيار الصناعي لسنوات عديدة لقياس زمن عبور الموجات الانضغاطية.

3. أدوات المصفوفة الصوتية (Array Sonic Tools)

مثّل ظهور أدوات المصفوفة الصوتية (Array Sonic Tools) قفزة نوعية في تكنولوجيا التسجيل الصوتي. بدلاً من مجرد قياس زمن وصول أول موجة، تم تصميم هذه الأدوات لتسجيل الموجة الصوتية الكاملة (Full Acoustic Waveform) التي تصل إلى سلسلة (مصفوفة) من المستقبلات المتباعدة.

مكونات أداة المصفوفة الصوتية:

  • مرسل أو أكثر: غالبًا ما تكون مرسلات قوية متعددة الأقطاب (Monopole and Dipole transmitters) لتوليد أنواع مختلفة من الموجات بكفاءة.
  • مصفوفة من المستقبلات: تتكون من 8 إلى 12 مستقبلًا (أو أكثر) متباعدة على مسافات منتظمة على طول الأداة.
  • عوازل صوتية (Acoustic Isolators): توضع بين المرسلات والمستقبلات لمنع انتقال الموجات مباشرة عبر جسم الأداة المعدني، مما يضمن أن الموجات المسجلة قد انتقلت بالفعل عبر التكوين.
  • وحدة إلكترونية متقدمة: تقوم برقمنة (Digitize) وتخزين الموجات الكاملة من كل مستقبل لإجراء معالجة لاحقة على السطح أو في الأداة نفسها.

مزايا أدوات المصفوفة الصوتية:

  • استخلاص موجات متعددة: من خلال تسجيل الموجة الكاملة، يمكن استخلاص زمن عبور الموجة الانضغاطية (Δtp)، وموجة القص (Δts)، وموجة ستونلي (Δtst)، مما يوفر معلومات أكثر شمولاً.
  • معالجة متقدمة: تسمح البيانات من مصفوفة المستقبلات بتطبيق تقنيات معالجة متطورة مثل تماسك زمن البطء (Slowness-Time Coherence - STC)، والتي تحسن بشكل كبير دقة تحديد وصول الموجات المختلفة، حتى في الظروف الصعبة.
  • قياس الخواص في التكوينات البطيئة: باستخدام مرسلات ثنائية القطب (Dipole Transmitters)، يمكن لهذه الأدوات توليد موجات قص وقياس سرعتها حتى في التكوينات "البطيئة" (Slow Formations) التي تكون فيها سرعة القص أقل من سرعة الصوت في سائل الحفر، وهو أمر مستحيل باستخدام الأدوات التقليدية أحادية القطب.
  • تقييم التباين في الخواص (Anisotropy): يمكن للأدوات المتقدمة المزودة بمرسلات ومستقبلات ثنائية القطب متعامدة (Cross-Dipole) قياس تباين سرعة موجات القص، والذي يرتبط بالإجهادات في التكوين أو وجود كسور متوازية.

تحليل الموجة الصوتية الكاملة (Full Waveform Analysis)

إن القدرة على تسجيل ومعالجة الموجة الصوتية الكاملة هي ما يميز الأدوات الحديثة. الموجة التي يستقبلها كل جهاز استقبال هي تراكب معقد لجميع أنواع الموجات التي تنتشر بسرعات مختلفة وتصل في أوقات مختلفة. التحليل الدقيق لهذه الموجة هو مفتاح استخلاص أقصى قدر من المعلومات.

مكونات الموجة الصوتية الكاملة

عند النظر إلى شكل الموجة المسجلة (Waveform) بمرور الزمن، يمكن تمييز عدة وصولات (Arrivals) مميزة:

  1. وصول الموجة الانضغاطية (P-wave Arrival): هي أول اضطراب يصل إلى المستقبل. عادة ما تكون ذات سعة منخفضة نسبيًا. يتم تحديد زمن وصولها لحساب Δtp.
  2. وصول موجة القص (S-wave Arrival): تصل بعد الموجة الانضغاطية وتكون عادة ذات سعة أعلى. لا تظهر هذه الموجة إلا في التكوينات "السريعة" (Fast Formations) حيث تكون سرعة القص في الصخر أكبر من سرعة الصوت في سائل الحفر.
  3. وصول موجة ستونلي (Stoneley Wave Arrival): هي الموجة الأبرز في التسجيل، حيث تتميز بسعة عالية جدًا وتردد منخفض. تصل في وقت متأخر من التسجيل وهي آخر المكونات الرئيسية للموجة.
  4. وصول الموجة السائلة (Fluid Arrival): في بعض الحالات، يمكن رؤية موجة ضعيفة تنتقل مباشرة عبر سائل الحفر. يمكن استخدامها لمراقبة خصائص سائل الحفر.
مكونات الموجة الصوتية الكاملة (Full Acoustic Waveform) كما يسجلها جهاز الاستقبال
مكونات الموجة الصوتية الكاملة (Full Acoustic Waveform) كما يسجلها جهاز الاستقبال.

تقنيات المعالجة: من كشف الحركة الأولى إلى تماسك زمن البطء (STC)

كانت الطرق التقليدية لتحديد زمن عبور الموجة الانضغاطية تعتمد على كشف الحركة الأولى (First Motion Detection). تتضمن هذه الطريقة تحديد عتبة (Threshold) معينة للسعة، ويُعتبر أول وقت تتجاوز فيه إشارة الموجة هذه العتبة هو زمن الوصول. هذه الطريقة بسيطة ولكنها حساسة جدًا للضوضاء ويمكن أن تفشل في البيئات ذات الإشارة الضعيفة، مما يؤدي إلى ظاهرة تُعرف باسم "تخطي الدورات" (Cycle Skipping)، حيث يتم تحديد وصول خاطئ في دورة لاحقة من الموجة، مما ينتج عنه قراءة Δt عالية بشكل غير صحيح.

مع ظهور بيانات المصفوفة، تم تطوير تقنية تماسك زمن البطء (Slowness-Time Coherence - STC). هذه الطريقة أكثر قوة ودقة. المبدأ كالتالي:

  • تقوم الخوارزمية باختبار مجموعة واسعة من قيم البطء (Slowness) المحتملة.
  • لكل قيمة بطء مفترضة، تحسب الخوارزمية الفارق الزمني المتوقع لوصول الموجة عبر مصفوفة المستقبلات.
  • يتم بعد ذلك "تحريك" نوافذ زمنية صغيرة على طول أشكال الموجة المسجلة في كل مستقبل وفقًا للفارق الزمني المحسوب.
  • يتم قياس مدى "التشابه" أو "التماسك" (Coherence) بين أجزاء الموجة داخل هذه النوافذ عبر جميع المستقبلات.
  • يتم إنشاء مخطط ثنائي الأبعاد (يُسمى مخطط التماسك أو Semblance Plot) يوضح قيمة التماسك لكل زوج من (زمن البطء، الزمن).
  • تظهر القمم الساطعة في هذا المخطط عند قيم البطء والأزمنة التي تتوافق مع وصول موجة حقيقية (انضغاطية، قص، أو ستونلي).

تسمح طريقة STC بتحديد دقيق وموثوق لبطء الموجات المختلفة، حتى في وجود ضوضاء أو عندما تكون سعات الموجات ضعيفة، مما يقلل بشكل كبير من مشاكل مثل تخطي الدورات ويسمح باستخلاص بطء موجة القص بشكل روتيني.

التطبيقات الرئيسية للتسجيل الصوتي في صناعة النفط والغاز

تتجاوز تطبيقات التسجيل الصوتي مجرد حساب المسامية لتشمل مجموعة واسعة من التحليلات البتروفيزيائية والجيوميكانيكية والجيوفيزيائية التي لا غنى عنها في تقييم المكامن وتطويرها.

1. تحديد المسامية (Porosity Determination)

يظل تحديد المسامية أحد التطبيقات الأساسية للتسجيل الصوتي. باستخدام معادلة ويلي (أو معادلات أكثر تطوراً مثل رايمر-هنت-غاردنر)، يمكن تحويل قراءات Δt إلى قيم مسامية مستمرة على طول البئر.

الاعتبارات العملية:
- تأثير الغاز (Gas Effect): وجود الغاز الحر في مسام الصخر يقلل بشكل كبير من سرعة الموجة الانضغاطية، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في Δt المسجلة. هذا يؤدي إلى حساب مسامية صوتية (ϕ_sonic) أعلى بكثير من المسامية الحقيقية. يمكن استخدام هذا "التأثير" كأداة فعالة للكشف عن مناطق الغاز عند مقارنة المسامية الصوتية بالمسامية المحسوبة من سجلات أخرى مثل سجل الكثافة أو النيوترون، والتي تتأثر بالغاز بشكل مختلف.
- الصخور غير المتماسكة: في الرمال غير المتماسكة أو الصخور ذات الضغط المسامي العالي، تكون القراءات الصوتية أعلى من المتوقع. يتم تطبيق عامل تصحيح للتضاغط (Cp) أو استخدام نماذج تجريبية لضبط حساب المسامية.
- المسامية الثانوية: معادلة ويلي غير فعالة في تقدير المسامية الثانوية (الكسور والفجوات). غالبًا ما يكون تأثير هذه المسامية على Δt ضئيلًا مقارنة بتأثيرها على سجلات الكثافة والنيوترون. الفرق بين المسامية الصوتية والمسامية من هذه السجلات يمكن أن يشير إلى وجود مسامية ثانوية.

2. تحديد نوع الصخور (Lithology Identification)

لكل نوع من الصخور (رمل، جير، دولوميت) قيمة مميزة لزمن عبور مصفوفته (Δt_matrix). يمكن استخدام قراءات Δt كأداة أولية للتمييز بين أنواع الصخور المختلفة. ومع ذلك، يصبح هذا التحديد أكثر قوة عند استخدام السجل الصوتي مع سجلات أخرى في مخططات تقاطعية (Cross-plots).

  • مخطط الكثافة-النيوترون-الصوتي: هو أداة كلاسيكية لتحديد نوع الصخور والمسامية في آن واحد. كل نوع من الصخور النقية يقع عند نقطة محددة على هذه المخططات.
  • مخطط M-N: هو مخطط متقدم يستخدم بيانات من السجلات الثلاثة (الكثافة، النيوترون، الصوتي) لحساب معاملي M و N، وهما مستقلان عن المسامية ولكنهما يعتمدان على نوع الصخر، مما يسمح بتمييز دقيق بين أنواع الصخور المعقدة.
  • نسبة Vp/Vs: نسبة سرعة الموجة الانضغاطية إلى سرعة موجة القص (Vp/Vs) هي مؤشر حساس جدًا لنوع الصخر والمائع. على سبيل المثال، الصخور الرملية لها نسبة Vp/Vs مختلفة عن الصخور الكربونية، والطبقات الحاوية على غاز تظهر نسبة Vp/Vs منخفضة بشكل ملحوظ.

3. حساب الخواص الميكانيكية للصخور (Rock Mechanical Properties)

يعد هذا أحد أهم تطبيقات أدوات المصفوفة الصوتية الحديثة. من خلال قياس Δtp و Δts، جنبًا إلى جنب مع الكثافة الكلية (ρb) من سجل الكثافة، يمكن حساب مجموعة كاملة من المعاملات المرنة الديناميكية (Dynamic Elastic Moduli) التي تصف سلوك الصخر تحت الإجهاد.

المعادلات الرئيسية هي:

  • نسبة بواسون (Poisson’s Ratio, ν): تصف ميل المادة للتمدد في الاتجاهات العمودية عند ضغطها في اتجاه واحد. $$ \nu = \frac{(\Delta t_s^2 - 2\Delta t_p^2)}{2(\Delta t_s^2 - \Delta t_p^2)} $$
  • معامل القص (Shear Modulus, G): مقاومة الصخر لتشوه القص. $$ G = \frac{\rho_b}{\Delta t_s^2} $$
  • معامل يونغ (Young’s Modulus, E): مقياس لصلابة الصخر أو مقاومته للتشوه المرن تحت إجهاد محوري. $$ E = 2G(1 + \nu) $$
  • معامل الحجم (Bulk Modulus, K): مقاومة الصخر للانضغاط المنتظم. $$ K = \frac{E}{3(1 - 2\nu)} $$

تطبيقات الخواص الميكانيكية:

  • استقرارية جدار البئر (Wellbore Stability): تستخدم هذه المعاملات في نماذج جيوميكانيكية لتحديد ضغط سائل الحفر الآمن الذي يمنع انهيار أو تشقق جدار البئر أثناء الحفر.
  • تصميم التكسير الهيدروليكي (Hydraulic Fracturing): تساعد في تحديد المناطق الهشة (Brittle) القابلة للتكسير، وتوجيه الكسور، والتنبؤ بالضغط المطلوب لبدء وانتشار الكسر.
  • التنبؤ بإنتاج الرمال (Sand Production Prediction): تستخدم لتقييم قوة الصخر وتحديد ما إذا كانت الطبقة المنتجة ستنهار وتنتج رمالًا مع الهيدروكربونات، مما قد يسبب مشاكل تشغيلية.

4. الربط مع البيانات السيزمية (Seismic Correlation)

يوفر التسجيل الصوتي الجسر الأساسي بين قياسات العمق في البئر (بالأقدام أو الأمتار) وقياسات الزمن في المسح السيزمي (بالثواني). يتم ذلك من خلال عمليتين رئيسيتين:

  • تحويل الزمن إلى عمق (Time-Depth Conversion): عن طريق تكامل (Integration) زمن العبور (Δt) على طول البئر، يمكن إنشاء علاقة مستمرة بين العمق وزمن السفر الصوتي ثنائي الاتجاه (Two-Way Travel Time - TWT). هذه العلاقة ضرورية لربط العواكس السيزمية (Seismic Reflectors) بالطبقات الجيولوجية التي تم اختراقها في البئر. $$ TWT(z) = 2 \int_{0}^{z} \Delta t(z) \,dz $$
  • إنشاء المخططات السيزمية الاصطناعية (Synthetic Seismograms): يتم حساب المعاوقة الصوتية (Acoustic Impedance, Z) لكل طبقة باستخدام المعادلة: $$ Z = V_p \cdot \rho_b = \frac{\rho_b}{\Delta t_p} $$ من التغيرات في المعاوقة الصوتية عند حدود الطبقات، يمكن حساب معامل الانعكاس (Reflection Coefficient, RC). بعد ذلك، يتم تطبيق موجة سيزمية صغيرة (Wavelet) على سلسلة معاملات الانعكاس هذه لإنشاء مخطط سيزمي اصطناعي. عند مقارنة هذا المخطط الاصطناعي مع البيانات السيزمية الحقيقية المجاورة للبئر، يمكن للمهندسين تحديد العواكس السيزمية بدقة وربطها بالطبقات الجيولوجية الصحيحة، مما يحسن بشكل كبير من دقة التفسير السيزمي.

5. تقييم جودة التسميت (Cement Bond Evaluation)

يتم استخدام مبادئ التسجيل الصوتي في أداة متخصصة تسمى سجل ربط الإسمنت (Cement Bond Log - CBL) وسجل الكثافة المتغيرة (Variable Density Log - VDL) لتقييم جودة العزل الهيدروليكي الذي يوفره الإسمنت خلف أنابيب التغليف (Casing).

تعمل أداة CBL/VDL عن طريق إرسال نبضة صوتية وقياس الموجة التي تنتقل على طول أنبوب التغليف. المبدأ هو:

  • الربط الجيد (Good Bond): عندما يكون الإسمنت مرتبطًا جيدًا بكل من أنبوب التغليف والتكوين، تنتقل الطاقة الصوتية من التغليف إلى الإسمنت ثم إلى التكوين. هذا يؤدي إلى توهين (Attenuation) كبير في الموجة التي تنتقل عبر التغليف، وبالتالي يتم تسجيل سعة منخفضة جدًا في سجل CBL.
  • الربط الضعيف أو عدم وجود ربط (Poor/No Bond): إذا كان هناك فراغ (مثل سائل الحفر أو الغاز) بين التغليف والإسمنت، فإن أنبوب التغليف يهتز بحرية. لا تنتقل الطاقة الصوتية بكفاءة إلى التكوين، وتبقى معظمها في التغليف. هذا يؤدي إلى وصول موجة ذات سعة عالية إلى المستقبل، مما يشير إلى ربط ضعيف.

مكونات سجل تقييم التسميت:

  • منحنى CBL: يسجل سعة أول وصول للموجة عبر التغليف (بالملي فولت). القيم المنخفضة تشير إلى ربط جيد.
  • منحنى زمن العبور (Transit Time Curve): يستخدم لمراقبة الجودة، حيث يجب أن يكون زمن الوصول ثابتًا عندما تنتقل الموجة في التغليف.
  • عرض VDL: هو عرض مرئي للموجة الصوتية الكاملة المسجلة بمرور الوقت. في مناطق الربط الجيد، تظهر إشارات قوية من التكوين بعد إشارة التغليف الضعيفة. في مناطق الربط الضعيف، تظهر إشارة التغليف قوية وواضحة (تظهر كخطوط داكنة متوازية)، بينما تكون إشارة التكوين غائبة أو ضعيفة.

يعد هذا التطبيق حاسمًا لضمان سلامة البئر، ومنع هجرة الموائع بين الطبقات، وضمان نجاح عمليات الإكمال والتحفيز اللاحقة.

6. تقدير النفاذية والتعرف على الكسور

لا يقيس التسجيل الصوتي النفاذية بشكل مباشر، ولكن يمكن استنتاجها بشكل غير مباشر، خاصة باستخدام تحليل موجات ستونلي من أدوات المصفوفة الصوتية.

  • توهين موجة ستونلي (Stoneley Wave Attenuation): موجة ستونلي تسبب تغيرات في الضغط في سائل الحفر أثناء انتشارها على طول جدار البئر. في المناطق ذات النفاذية العالية أو التي تحتوي على كسور مفتوحة، يمكن لهذه التغيرات في الضغط أن تدفع كمية صغيرة من سائل الحفر إلى داخل التكوين. هذه العملية تستهلك طاقة من موجة ستونلي، مما يؤدي إلى توهينها (انخفاض سعتها). يمكن استخدام قياسات توهين موجة ستونلي لتحديد المناطق ذات النفاذية العالية (Mobility) وتحديد الكسور المنتجة.
  • انعكاسات موجة ستونلي: يمكن أن تنعكس موجات ستونلي عند اصطدامها بكسر أفقي أو شبه أفقي يتقاطع مع البئر. يمكن تحليل هذه الانعكاسات (Chevron Patterns) لتحديد موقع وعمق هذه الكسور بدقة.

العوامل المؤثرة على قياسات التسجيل الصوتي

للحصول على تفسير دقيق، يجب على المهندس أن يكون على دراية بالعوامل البيئية والجيولوجية التي يمكن أن تؤثر على قراءات السجل الصوتي.

1. ظروف البئر

  • قطر البئر (Hole Size): التغيرات الكبيرة في قطر البئر (Washouts) يمكن أن تزيد من طول مسار الموجة في سائل الحفر، مما قد يؤثر على القياسات. أدوات BHC والمصفوفة تعوض بشكل جيد عن هذه التأثيرات، ولكن في حالات التكهفات الشديدة، قد تتدهور جودة البيانات.
  • مركزية الأداة (Tool Centralization): من الضروري أن تكون الأداة في مركز البئر لضمان أن مسارات الموجات إلى جميع المستقبلات متساوية. عدم المركزية يمكن أن يسبب أخطاء، خاصة في الأدوات القديمة.
  • خصائص سائل الحفر (Mud Properties): كثافة وسرعة الصوت في سائل الحفر تؤثران على انتقال الطاقة إلى التكوين وعلى موجات ستونلي. وجود فقاعات غاز في سائل الحفر يمكن أن يوهن الإشارة الصوتية بشدة.
  • كعكة الطين (Mudcake): الطبقة الرقيقة من المواد الصلبة لسائل الحفر التي تترسب على جدار البئر يمكن أن تؤثر على القياسات، خاصة على الموجات عالية التردد.

2. خصائص التكوين

  • الصخور غير المتماسكة: كما ذكرنا سابقًا، تؤدي إلى قراءات Δt أعلى من المتوقع للصخور المتماسكة ذات المسامية المماثلة.
  • وجود الطين (Shale/Clay): الطين له زمن عبور مرتفع. وجوده في الصخور الرملية أو الكربونية (Shaly Sand or Shaly Carbonate) سيزيد من قراءة Δt الكلية، مما يؤدي إلى تقدير مبالغ فيه للمسامية إذا لم يتم التصحيح لتأثير الطين.
  • تباين الخواص (Anisotropy): العديد من التكوينات، خاصة الصخور الطينية، تكون متباينة الخواص، مما يعني أن سرعة الصوت تعتمد على اتجاه الانتشار. يمكن أن تكون السرعة مختلفة في الاتجاه الرأسي مقارنة بالاتجاه الأفقي. الأدوات التقليدية تقيس السرعة بشكل أساسي في الاتجاه الموازي لمحور البئر.
  • الكسور: الكسور المفتوحة تزيد بشكل عام من زمن العبور، حيث تضطر الموجة الصوتية إلى السفر حول الكسر أو عبر المائع الموجود فيه، وكلاهما أبطأ من المرور عبر مصفوفة الصخر.

تقنيات التسجيل الصوتي المتقدمة

تستمر تكنولوجيا التسجيل الصوتي في التطور لتلبية المتطلبات المتزايدة لصناعة النفط والغاز، خاصة في البيئات المعقدة مثل المكامن غير التقليدية والآبار الأفقية.

1. أدوات القص ثنائية القطب (Dipole Shear Sonic Tools)

في التكوينات "البطيئة" (مثل الرمال غير المتماسكة وبعض أنواع الصخور الطينية)، تكون سرعة موجة القص في التكوين (Vs) أقل من سرعة الصوت في سائل الحفر (Vf). في هذه الحالة، لا يمكن توليد موجة قص رأسية (Headwave) باستخدام مرسل أحادي القطب (Monopole) تقليدي. للتغلب على هذه المشكلة، تم تطوير مرسلات ثنائية القطب (Dipole Transmitters).

تعمل هذه المرسلات عن طريق التذبذب الجانبي (مثل حركة الدفع والسحب)، مما يخلق موجة انثناء (Flexural Wave) في جدار البئر. في الترددات المنخفضة، تنتشر هذه الموجة الانثنائية بسرعة تساوي سرعة موجة القص في التكوين، حتى في التكوينات البطيئة. هذا يسمح بقياس Δts في جميع أنواع التكوينات، مما يوسع بشكل كبير من نطاق تطبيق التحليلات الجيوميكانيكية.

2. أدوات القص ثنائية القطب المتقاطعة (Cross-Dipole Tools)

هذه الأدوات هي تطور إضافي، حيث تحتوي على مرسلين ثنائيي القطب ومصفوفتي استقبال متعامدتين على بعضهما البعض. من خلال الإطلاق المتناوب للمرسلين وتسجيل الموجات على كلتا المصفوفتين، يمكن للأداة قياس سرعة موجة القص في اتجاهين متعامدين. إذا كانت السرعتان مختلفتين، فهذا يشير إلى وجود تباين في خواص القص (Shear Anisotropy). هذا التباين يمكن أن يكون ناتجًا عن:

  • الإجهادات غير المتوازنة في التكوين: تميل موجة القص المستقطبة في اتجاه الإجهاد الأقصى إلى أن تكون أسرع.
  • الكسور الرأسية المتوازية: تميل موجة القص المستقطبة بشكل موازٍ للكسور إلى أن تكون أسرع.

توفر هذه القياسات معلومات لا تقدر بثمن لتحديد اتجاه الإجهادات الأفقية، وهو أمر حاسم لتصميم عمليات التكسير الهيدروليكي وتوجيه الآبار الأفقية.

3. التسجيل الصوتي أثناء الحفر (LWD Sonic)

يمثل الحصول على بيانات صوتية أثناء الحفر (Logging While Drilling - LWD) تحديًا كبيرًا بسبب الضوضاء الشديدة الناتجة عن عملية الحفر والاهتزازات في عمود الحفر (Drill String). ومع ذلك، تم تطوير أدوات LWD صوتية قوية تستخدم عوازل متطورة وتقنيات معالجة إشارات متقدمة لتصفية الضوضاء واستخلاص إشارة التكوين. توفر بيانات LWD الصوتية معلومات في الوقت الفعلي عن المسامية والضغوط المسامية (Pore Pressure)، مما يساعد في توجيه البئر بأمان وتجنب المخاطر الجيولوجية.

مراقبة الجودة وتفسير سجلات الصوت

يعد فحص جودة البيانات (Quality Control - QC) خطوة أولى حاسمة قبل أي تفسير.

عناصر مراقبة الجودة

  • فحص منحنى زمن العبور (Δt Curve): يجب أن يكون المنحنى سلسًا بشكل عام ويعكس التغيرات الجيولوجية. القفزات المفاجئة وغير المنتظمة قد تشير إلى "تخطي الدورات". يجب مقارنة القيم مع القيم المتوقعة لأنواع الصخور المعروفة في المنطقة.
  • فحص منحنى الشد (Tension Curve): يوضح هذا المنحنى شد الكابل، ويجب أن يكون ثابتًا أثناء التسجيل، مما يشير إلى حركة سلسة للأداة.
  • مقارنة قراءات BHC: يجب مقارنة قراءتي Δt من دورة الإطلاق الصاعدة والهابطة. يجب أن تكونا متطابقتين بشكل وثيق في الظروف الجيدة.
  • فحص مخططات التماسك (Semblance Plots): في بيانات المصفوفة، يجب فحص هذه المخططات للتأكد من أن الخوارزمية تحدد القمم الصحيحة للموجات الانضغاطية والقص وستونلي.
  • مقارنة مع سجلات أخرى: يجب أن تتوافق الاتجاهات العامة في السجل الصوتي مع سجلات أخرى مثل سجل أشعة جاما (لتمييز الرمل عن الطين) وسجل الكثافة.

في الختام، يمثل التسجيل الصوتي أداة متعددة الاستخدامات وقوية بشكل استثنائي في مجموعة أدوات مهندس البتروفيزياء والجيولوجي والجيوميكانيكي. لقد تطور من أداة بسيطة لقياس المسامية إلى نظام معقد قادر على توصيف التكوين الصخري بشكل شامل، بدءًا من خصائصه التخزينية، مرورًا بسلوكه الميكانيكي، وانتهاءً بربطه بالمقياس السيزمي الأوسع. إن الفهم العميق لمبادئه الفيزيائية، وتصميم أدواته، وتقنيات معالجته، وتطبيقاته المتنوعة، هو أمر ضروري لاستخلاص القيمة الكاملة من هذه التكنولوجيا الحيوية وتحقيق أقصى استفادة من الموارد الهيدروكربونية.

المصادر

  • Asquith, G. B., & Gibson, C. R. (1982). Basic Well Log Analysis for Geologists. American Association of Petroleum Geologists.
  • Ellis, D. V., & Singer, J. M. (2007). Well Logging for Earth Scientists (2nd ed.). Springer.
  • Schlumberger Oilfield Glossary. (n.d.). Retrieved from https://glossary.slb.com/
  • Rider, M., & Kennedy, M. (2011). The Geological Interpretation of Well Logs (3rd ed.). Rider-French Consulting Ltd.
  • Poirier, S. (2015). Acoustic Logging. Society of Petrophysicists and Well Log Analysts (SPWLA).
  • Tang, X. M., & Cheng, A. (2004). Quantitative Borehole Acoustic Methods. Elsevier.

اقرأ أيضًا