يشير مصطلح حفر الآبار النفطية (Well Drilling) إلى مجموعة العمليات الكاملة اللازمة لإنشاء تجاويف ذات مقطع دائري في الأرض للوصول الى النفط والغاز باستخدام تقنيات الحفر.
عملية حفر الآبار النفطية تعد عملية معقدة تشترك بها مجموعة واسعة من المعدات والشركات لغرض إتمامها حيث يمكن حفر آبار تزيد عن 6000 متر.
مقدمة الى حفر آبار التفط
عند البدء في مشروع حفر الآبار النفطية، يجب تحقيق هدفين:
- حفر البئر وإنهائه بطريقة آمنة (دون إصابات بشرية، او مشاكل فنية) وحسب الغرض منه.
- إكمال المشروع بأقل تكلفة.
لحفر بئر البترول، من الضروري تنفيذ الإجراءات التالية في وقت واحد أثناء عملية الحفر (drilling process):
- التغلب على مقاومة الصخور، وسحقها إلى جزيئات صغيرة لا يتجاوز حجمها بضعة ملم.
- إزالة جزيئات الصخور، مع الاستمرار في الحفر عبر الطبقات
- الحفاظ على ثبات جدران تجويف البئر.
- منع الموائع الموجودة في الطبقات المحفورة من دخول البئر والهجرة بين الطبقات الإنتاجية.
يمكن تحقيق ذلك باستخدام أجهزة الحفر الدورانية (rotary drilling rigs) التي تعمل اليوم في مجال التنقيب عن الهيدروكربونات وإنتاجها.
أبراج الحفر (drilling rigs) عبارة عن مجمعات من المعدات المتنقلة التي يمكن نقلها (برياً وبحرياً) من موقع حفر إلى آخر، حيث توفر إمكانية حفر سلسلة من الآبار النفطية.
قبل أن يتم البدأ بحفر الآبار النفطية، يتم وضع الجزء الاول من البئر وهي البطانة الرئيسية الكبيرة او ما يدعى الموصل (conductor casing) في السطح وذلك لتوفير نقطة انطلاق لعمليات الحفر وتثبيت مكونات بئر البترول.
في الآبار البرية يتم حفر حوض للبئر حيث يتم دفع الموصل (conductor) إلى الأرض بواسطة سائق الرافعة. وذلك بالتناوب مع آلة الحفر لعمل حفرة (hole) يمكن فيها تثبيت بطانة الموصل (conductor).
 |
| شكل (1) الحفر وبطانات البئر. |
في الآبار البحرية (off-shore wells)، يتم تثبيت الموصل عادة في فتحات مصممة في هيكل المنصة البحرية.
بعد حفر ثقب بطول معين، ومن أجل ضمان ثباته وعدم انهياره ولتسهيل حركة الموائع البئر، يتم تغليفه بأنابيب فولاذية تسمى البطانات (casings)، متصلة ببعضها البعض بواسطة جلب مسننة (threaded sleeves). عدد وحجم البطانات يتم تحديدها من خلال معرفة عمق البئر النهائي وظروف التكوين وضغط البئر النهائي ونوع الانتاج (النفط أو الغاز، او كلاهما، وما إلى ذلك).
يوضح الرسم البياني في الشكل (1) بئرًا بريًا نموذجيًا ثلاثي البطانة. مع وضع كل سلسلة البطانة في مكانها، ان ظروف التكوين وموقع البئر تحدد مقدار الأسمنت الذي يتم تطبيقه في كل بطانة.
يتم وضع رباط أسمنتي جيد بين الطبقات والبطانات وهذا ضروري لمنع هجرة الموائع بين المناطق الإنتاجية أو إلى السطح. يمكن التحقق من ذلك أو تأكيد عن طريق تشغيل مجس CBL (مجس الاصرة الاسمنتية) قبل الاستمرار في المرحلة التالية من الحفر واستكمال بئر البترول.
يتم نقل القطع او الفتات (cuttings) الناتجة عن لقمة الحفر (bit) "وهو الجزء المسؤول عن ثقب الارض" إلى السطح بواسطة طين الحفر او مائع حفر (drilling fluid)، عادة ما يكون سائلًا (طينًا أو ماء)، أو غازًا أو رغوة، يتم تدويرها في الأنابيب وصولاً إلى لقمة الحفر ومن ثم إلى السطح. ويعمل طين الحفر أيضا على السيطرة على ضغوط الطبقات أثناء الحفر (ضغط هيدروستاتيكي).
تنتقل الحركة الدورانية إلى لقمة الحفر من السطح بواسطة جهاز يسمى المنضدة الدوارة (rotary table)، او في الحفارات الحديثة بواسطة محرك علوي يعمل مع المنضدة الدوارة كنسخة احتياطية؛ يمكن إضافة دوران إضافي بواسطة محركات قاع البئر الموجودة فوق لقمة الحفر مباشرة.
يتم الحرص على جميع مراحل حفر الآبار النفطية لضمان عزل المنشآت السطحية عن ضغوط الطبقات داخل البئر. ويتحقق ذلك من خلال كثافة طين الحفر (خلق ضغط هيدروستاتيكي في حفرة البئر لموازنة ضغط التكوين) واستخدام مانعات الانفجار (BOP). يتم تركيب مانع الانفجار BOP مباشرة أسفل أرضية منصة الحفر بالاضافة الى اجهزة الحفر الرافعة.
يتم حفر آبار البترول على عمق أقل بقليل من منطقة الطبقات التي تحجز النفط أو الغاز. تُعرف هذه المنطقة بالمكمن (Reservoir) وعادة ما تتكون من طبقة من الرمل أو السجيل أو الصخر الذي يحتوي على الغاز أو النفط. يمكن أن يختلف سمك المكمن من بضعة أقدام فقط إلى عدة مئات من الأقدام أو حتى عدة آلاف قدم في الحقول الغزيرة.
للسماح لموائع المكمن (النفط او الغاز) بدخول تجويف البئر، يتم عمل ثقوب من خلال البطانة (casing) خلال الطبقة الانتاجية للمكمن. يتم انزال مسدس التثقيب بشكل عام في تجويف البئر على خط من الأسلاك الكهربائية بالتناوب مع الأنابيب الانتاج المثقبة المنقولة حيث تسمح بتشغيل المتفجرات المثقبة باستخدام سلسلة أنابيب الإنتاج. بعد التأكد من وضع المسدس المناسب، يتم إطلاق مسدس التثقيب كهربائيًا من السطح، ويمكن أيضاً استخدام معدة إسقاط لتفجير المسدس.
 |
| شكل (2) التثقيب وإكمال تجويف البئر. |
عندما يتم إطلاق المسدس المثقب، يتم إنشاء ثقوب من خلال البطانة الانتاجية وغمد الأسمنت إلى طبقات المكمن. وهذا يوفر قنوات واضحة يمكن من خلالها دخول النفط والغاز إلى البطانة، حيث يتم إنتاجه على السطح من خلال أنابيب الإنتاج.
إقرأ أيضا: مكونات بئر البترول
التخطيط لحفر البئر
يعد تخطيط البئر جزءًا أساسيًا من عملية حفر الآبار النفطية؛ فهو الأساس لاتخاذ جميع الخيارات الفنية المهمة لتقييم التكاليف وتنظيم البناء الفعلي للبئر بأكثر الطرق كفاءة.
يبدأ تخطيط الآبار في اللحظة التي يتم الكشف فيها عن وجود بنية مواتية لتراكم الهيدروكربونات بواسطة البيانات التي تم جمعها عن طريق المسوحات الزلزالية (Seismic surveys) وإعادة بناء جيولوجيا المنطقة.
تتيح هذه البيانات أيضًا إجراء تقدير لما يلي:
- عمق مستويات الإنتاج.
- التسلسلاتت الطبقية والصخرية.
- المشاكل التي يمكن أن تظهر في مرحلة التشغيل.
يعمل الجيولوجيون على إعداد وثيقة تحتوي على تقديرات ومقترحات لحفر الآبار النفطية (البترولية) على أساس المعلومات التي بحوزتهم والتي تم الحصول عليها من:
- الكشوفات السطحية الجيولوجية.
- دراسة جيولوجيا المنطقة.
- الدراسات التي أجريت على الخرائط الزلزالية (seismic maps)
- ملفات تتضمن معلومات عن آبار تم الإنتهاء منها في المنطقة.
هذه المعلومات هي مقدمة لوضع برنامج الحفر المناسب لإعطاء البيانات اللازمة لـ:
- موقع البئر.
- أهداف الحفر.
- العمق النهائي المتوقع.
- تنبؤات المظهر الجانبي الطبقي الصخري.
- مشاكل الحفر المحتملة التي يمكن مواجهتها، ...إلخ.
تحليل ومعالجة هذا الكم الهائل من المعلومات يوفر لمهندسي الحفر العناصر الأساسية لإعداد برنامج الحفر المثالي.
 |
| شكل (3) نظرة عامة الى عملية تخطيط البئر. |
يتم الحصول على معلومات إضافية أثناء عملية حفر الآبار من خلال:
- المقاطع الجيولوجية
- مجسات الآبار
- تقارير الضغط
- تقارير الحفر
- تقارير مائع الحفر
- تقارير التسميت
لكل بئر لديه ميزاته الخاصة (فقد يكون بئر استكشافي أو تطويري أو تقييمي، أو بئر بري أو بحري، أو بئر عمودي أو اتجاهي أو افقي...) ولكن المعايير الأساسية هي نفسها لجميع أنواع الآبار.
إقرأ أيضاً: أنواع الآبار النفطية
الخطوة الأولى التي يجب أن يتخذها المهندسون للعمل على برنامج الحفر هي بناء اتجاه منحنيات تدرج الضغط وفقًا للعمق (الجيوستاتي، ضغط المسام وتدرجات الكسور) لتصميم مظهر البطانة للبئر.
مكونات وأجزاء برج الحفر
إن كل برج حفر يتكون من خمسة أجزاء أساسية وهي :
- نظام الرفع (Hoisting System).
- نظام الدوران (Rotation System).
- نظام تدوير الطين (Mud circulation System).
- نظام السيطرة على البئر (Well Control System).
- نظام توليد الطاقة (Power Generation System).
لكل نظام من هذه الانظمة يتفرع الى عدة مكونات وأجزاء اخرى. إطلع على مكونات برج الحفر من هنا
 |
| شكل (4) مكونات برج الحفر. |
تعتبر مستويات البطانة، وأقطار ووزن خيط الحفر (string)، والضغوط ودرجات الحرارة المعنية، وأحجام طين الحفر المستخدمة، كلها جوانب تشارك في تحديد اختيار نوع برج وأجهزة الحفر (rig). والأهم من ذلك هو قوة تجميع المعدات بالكامل مع بعضها.
في الآبار البحرية يم تثبيت منصات الحفر على السفن أو المنصات البحرية للوصول إلى أقصى أعماق ممكنة وتحتوي على جميع المواد والمعدات اللازمة للحفر على متنها.
يعتمد تكوين فوهة البئر على الضغوط التي يمكن الوصول إليها أثناء مراحل العمل المختلفة - الحفر والإنتاج - وعلى أقطار خيط الحفر التي سيتم إنزالها في البئر.
السيطرة على عمليات الحفر
إن التعقيد الكبير لعملية حفر الآبار النفطية، وتكاليفها المرتفعة، والحاجة إلى ضمان الكفاءة الكاملة للمنصة، واحترام السلامة والبيئة، تتطلب التحسين المستمر للعمليات، والتي تتحقق من خلال مراقبة ومعالجة كل ما هو متاح من البيانات الجيولوجية والبيانات التي تُجمع أثناء الحفر.
للوصول إلى هذه الأهداف، يتم تزويد كل منصة حفر، ولا سيما تلك التي يتعين عليها حفر آبار معقدة وعميقة وبالتالي مكلفة، بوحدات تسجيل الطين (mud logging) متطورة إلى حد ما، والتي تسمح بالحصول على تفسير لمجموعة واسعة من المعلومات التي تهم كل من الجيولوجي ومهندس الحفر.
 |
| شكل (5) وحدة جس الطين. |
تم تجهيز وحدات mud logging بأجهزة استشعار، موضوعة في أجزاء مناسبة من برج الحفر، مما يسمح بالحصول التلقائي والمستمر على أهم المعلمات وأنظمة المعلومات المتقدمة، استنادًا أيضًا إلى الأنظمة الخبيرة، كوسيلة لإدارة العمليات في الوقت الفعلي، مع ما يترتب على ذلك من تقليل الوقت والتكاليف.
تنقل هذه المستشعرات إشاراتها إلى نظام محوسب موجود في كابينة تسجيل الطين، حيث يتم تمثيل هذه الاشارات في شكل رسومي، وتخزينها ثم إرسالها لمراكز التشغيل.
إقرأ أيضاً: جس الآبار النفطية
تكاليف حفر الآبار النفطية
يشير برنامج حفر الآبار النفطية أيضًا إلى الميزانية التي يجب تخصيصها للوصول إلى الأهداف، والتي يجب الالتزام بها أثناء إنشاء البئر.
يمكن أن تختلف تكاليف حفر الآبار النفطية، اعتمادًا على نوع معين من تخطيط البئر والبيئة المحيطة.
تشير الميزانية الواردة في برنامج الحفر إلى مقدار الموارد الاقتصادية المتاحة في التقدير، والتي يجب الالتزام بها قدر الإمكان؛ لكن من الواضح أن المبلغ الحقيقي يعتمد على المشاكل التي تظهر أثناء الحفر وعلى قدرة المهندسين على معالجتها بسرعة دون المساومة على تحقيق الأهداف.
غلق البئر والتخلي عنه
بعد الانتهاء من الحفر البئر، تبدأ عملية تشغيلة للتأكد من إحتواءه على الكمية الاقتصادية المطلوبة كما قد تم التخطيط لها سابقا. أما اذا تم تشغيله وكانت الكمية غير قابلة للإستغلال إقتصادياً فسيتم غلقه.
يتم تحضير البئر لإغلاقه بشكل دائم عادة بعد أن تحدد المجسات أنه لا توجد إمكانات هيدروكربونية إقتصادية كافية لإكمال البئر، أو يتم غلقه بعد ان تستنزف موارد المكمن خلال الإنتاج.
يستلزم إغلاق البئر استعادة الظروف الأولية لقسم البئر غير المبطن وربما أيضًا الجزء المبطن، ويتم ذلك عن طريق وضع سدادات الأسمنت وتثبيتها عبر أي تكوينات مفتوحة تحمل الهيدروكربونات، عبر جميع البطانات، بما في ذلك المناطق القريبة من السطح.
 |
| شكل (6) غلق البئر. |
الغرض من هذه التدابير هو منع انتقال الموائع من مستوى إلى آخر.
يجب ألا يفي الإغلاق النهائي للبئر فحسب بالمتطلبات المنصوص عليها في أفضل الممارسات الهندسية التي حددها المشغل، بل يجب أن يستجيب أيضًا لجميع متطلبات القانون التي تهدف إلى حماية البيئة وسلامة الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الآبار المهجورة.
المصادر
- John Mayzel. (د.ت). Slickline Training Manual from Schlumberger. تم الاسترجاع 2021-2-6. Archive (pdf).
- "Introduction to Oil&Gas Well Drilling". (د.ت). oil-gasportal.com. تم الاسترجاع 2021-2-6.
- "plug and abandon". (د.ت). glossary.oilfield.slb.com. تم الاسترجاع 2021-2-6.