يعتبر النفط الخام أهم مصدر من مصادر الطاقة حتى الآن حيث انه يشكل 47% من امدادات الطاقة في العالم في الوقت الحاضر، وذلك بسبب توفره بكميات هائلة بالاضافة الى انخفاض تكاليف استخراجه وسهولة نقله وامكانية تقطيره في معامل التكرير لانتاج مختلف انواع الغازات والوقود السائل مثل البنزين بدرجاته المختلفة والكيروسين ووقود الديزل وغيرها.
إن الطلب العالمي على النفط الخام واستهلاكه تضاعف بمرور الوقت مما سيؤدي في النهاية إلى نضوب الخزين النفطي. وتعتبر هذه المشكلة من المشاكل التي يواجهها العالم ولذلك تتجه الاهتمامات والابحاث والدراسات الی ایجادمصادر بديلة للنفط الخام.
أصل النفط وتكونه
هناك عدة نظريات تبحث في أصل النفط والغاز وتكونهما. وبصورة رئيسة يمكن تقسيمها إلى:
النظرية العضوية
هذه النظرية هي الأكثر شيوعا والاكثر قبولا وهي تشير الى ان النفط الخام هو من أصل عضوي (نباتي او حيواني). فبعد موت النباتات والحيوانات البحرية تتجمع في قعر البحار وتطمر بمرور الوقت بطبقات متتالية من الترسبات الطينية وغير الطينية التي تحملها مياه الأنهار التي تصب في البحار. ونتيجة للضغوط المسلطة على الطبقات العميقة وتأثير درجات الحرارة العالية فإن الحيوانات والنباتات الميتة المدفونة في هذه الطبقات تتعرض لعملية التقطير الاتلافي فتتحلل الى المواد الأصلية (الهيدروكاربونات) والتي تكون النفط والغاز. تسمى الصخر التي يتكون فيها النفط بالصخور الام (Source Rocks).
النظرية غير العضوية
وهذه النظرية تعزي تكون النفط الخام نتيجة لبعض التفاعلات الكيمياوية بين الماء وغاز ثاني أوكسيد الكاربون وبعض المواد غير العضوية مثل کاربيدات المعادن والكاربونات المتواجدة في باطن الأرض. الا ان الشواهد الجيولوجية تعارض مضمون هذه النظرية حيث إنه لم يستدل على وجود مثل هذه المواد الكيمياوية بكميات وفيرة بالقشرة الأرضية وبالقدر الذي يسمح لتكون مثل هذه الكمية من التجمعات النفطية.
ان لون النفط الخام عادتاً ما يكون أسود أو بني غامق، ولكن يمكن أن يكون مصفراً قليلًا أو محمراً أو حتى مخضراً حسب المواد الكيميائية المختلفة التي يتكون منها النفط الخام.
هجرة النفط وتجمعه
بعد تكون النفط والغاز بمسامات الصخور الام يعمل الضغط المسلط عليها والناتج من وزن الطبقات المترسبة فوقها على انضغاط الصخور الام، ويشترط أن تكون صخور الطبقات المجاورة نفاذة تسمح بجريان الموائع (سائل او غاز) خلالها، وهكذا يبدأ النفط او الغاز المتكون بالجريان عبر الطبقات المجاورة. وتكون حركته اما جانبية (افقية) او رأسية (صعودا) الى الاعلى وباتجاه المناطق ذات الضغط الاقل. وفي بعض الاحيان تنتهي حركة النفط او الغاز الى سطح الأرض فيتبدد وتتبخر مكوناته الخفيفة في الهواء. يستمر النفط او الغاز بالجريان خلال الطبقات النفاذة حتى تعترضه طبقة غير نفاذة (صماء) تعمل عمل حاجز يمنع استمرار حركته حيث يأخذ بالتجمع هناك.
أن التراكيب الجيولوجية التي تعمل عمل المصيدة وتمنع تسرب النفط وتحافظ عليه، تدعى بالمصيدة النفطية (Trap).
هذه المصائد تعمل على تكوين خزانات كبيره تحت الارض تسمى المكامن حيث تحتوي على كميات كبيره من النفط الخام بالاضافة الى الغاز الطبيعي. يتم الكشف عن المكامن من خلال اجراء عمليات استكشافية من قبل الجيولوجيين. يمكن ان توجد المكامن تحت البحار او المحيطات او تحت اليابسة. ويتم الوصول الى هذه المكامن عن طريق اجراء عمليات الحفر بواسطة آلات ضخمة.
الشروط الجيولوجية لتجمع النفط والغاز
يتجمع النفط او الغاز في طبقة ما عند توفر الشروط الجيولوجيا الاتية:
- وجود طبقة صخرية خازنة اي تكون ذات مسامية (النفط يخزن بداخل المسامات) ونفوذية كافية (كي يتمكن النفط او الغاز من التحرك خلال الطبقة).
- توفر حاجز يمنع استمرار حركة النفط او الغاز، والمقصود به طبقة صخرية غير نفاذة (صماء).
- وجود حاجز اقفال (Closure) يمنع تسرب النفط او الغاز جانبیا.
بوجود هذه المصائد هناك احتمال تجمع النفط او الغاز فيها بعد هجرته من الصخر الام. فيعمل النفط او الغاز على ازاحة الماء الموجود في مسامات الطبقة الخازنة والحلول مكانه، ولكن على الغالب تبقى نسبة معينة من الماء حبيسة في المسامات وتدعى بالماء الحبيس (Connate water).
التنقييب عن النفط
كان البحث عن النفط يتم في أماكن تسربه إلى سطح الارض. أما حاليا فأن التنقيب عن النفط يتم بأساليب علمية وفنية معقدة صعبة التنفيذ وباهظة التكاليف وذلك بسبب زيادة عمق الطبقات والبحث في المناطق النائية. يظل التثبت بوجود النفط مرهونا بالحفر، حيث تقدر نسبة احتمالات الفشل إلى احتمالات النجاح 9 إلى 1 في المتوسط.مراحل التنقيب عن النفط
- القياسات السطحية ودراستها:
- المسح الجوي والجيولوجي
- المسح الجيوفيزيائي:
- قياس الجاذبية الأرضية
- قياس المغناطيسية الأرضية
- قياس الاهتزازات الأرضية
- حفر الآبار
جمع القياسات السطحية ودراستها
ان المرحلة الأولى في التنقيب عن النفط تستدعي البحث عن المكامن المناسبة وتحديد مواقعها وأعماقها وتنفذ هذه العملية بإتباع الطرق التالية:- المسح الجوي والجيولوجي.
- المسح الجيوفيزيائي.
- تصوير المناطق المزمع مسحها بالطائرات والاقمار الاصطناعية حسب خطة معينة.
- تدرس الصور بأجهزة خاصة ويحضر منها الخرائط التضاريسية (الطبوغرافية) والجيولوجية.
- ينطلق الجيولوجيون بالخرائط إلى دراسة الطبقات الظاهرة وفحصها وجمع العينات منها لدراستها.
- تنتهي هذه المرحلة بإعداد خرائط جيولوجية مفصلة لمتكونات الصخور وأنواعها وخصائصها وأعمارها وسماتها البنائية تحت سطح الأرض.
ان تحديد المكامن من الدراسات السطحية يلزمه الدقة وقد يكون غير ممكن وخاصة في المناطق السهلية والجبال أو الغابات التي لا تبرز فيه الطبقات السطحية، لهذا يلجأ المنقبون عن النفط إلى الوسائل الجيوفيزيائية لتعيين المكامن بالطرق التالية:
- قياس الجاذبية الارضية: يتم قياس التفاوت في قوة الجاذبية الأرضية ما بين الصخور ذات الكثافة العالية ( الثقيلة) والاقل كثافة (الخفيفة) بالإضافة الى تحديد نمط تشكيلات الطبقات الصخرية الكائنة تحت سطح الأرض.
- قياس المغناطيسية الأرضية: يتم قياس قوة المجال المغناطيسي واتجاهه ويستنتج منها اعماق صخور القاعدة والتي بواسطتها يمكن تعيين سمك وامتداد احواض الترسيب.
- قياس الاهتزازت الأرضية: وهذه اهم الوسائل المستخدمة لما يمكن ان توفره من معلومات دات نسبة عالية من الدقة عن نمط التشكيلات الجيولوجية الجوفية.
- إطلاق اهتزازات أرضية بواسطة تفجير في بئر أو عدة آبار عمقها حوالي 30 متر وقد تجرى على سطح الأرض بواسطة جهاز ثمبر.
- تنتقل الاهتزازات الأرضية إلى جوف الأرض على شكل موجات صوتية.
- تعود هذه الموجات إلى سطح الأرض بسبب انعكاسها أو انكسارها أثناء سريانها.
- تستقبل الموجات على سطح الأرض بميكرفونات خاصة تدعى الجيوفونات.
- يتم حساب الوقت الذي يستغرقه انتقال الموجات من سطح الأرض حتى يتم معرفة أعماق الطبقات وتكتلاتها الجوفية وخصائص صخورها وسمكها.
حفر الآبار
- إن الطريقة المستخدمة لحفر الآبار هي طريقة الحفر الرخوي.
- ويتم فيه تفتيت الصخور بدوران الدقاقة (bit) مع عمود الحفر، ويتم التخلص من فتات الصخور عن طريق ضخ طين معين (طين الحفر) بواسطة مضخات وبذلك يخرج الطين محمل بفتات الصخور من البئر.
- طين الحفر: عبارة عن مزيج من المواد الكيميائية والماء، وظيفته يقوم بتشحيم الدقاقة وتبريدها ونقل فتات الصخور الى السطح وايضا يسيطر على النفط الموجود تحت صغط عالي في جوف الارض ويمنعه من التدفق الى البئر.
- تركيب صمامات على فوهة البئر للمحافظة على السلامة
- تدفق المياه بواسطة المصخات نحو قاع البئر للحلول محا الطين فيتدنى الضغط على النفط في مكمنه ويرتفع الى الاعلى وتصبح البئر جاهزة للانتاج.
- ينقل النفط بعد انتاجه وفصل الغاز منه اما الى ناقلات النف مباشرة او الى معامل التكرير حيث تستخرج منه مشتقاته.
مناطق النفط والغاز الطبيعي الرئيسية في العالم
- حوض الترسيب العربي الكبير
- حوض جنوب شرق اسيا
- حوض بحر قزوين
- حوض شمال افريقيا
- حوض دلتا النيجر
- حوض بحر الشمال
- حوض امريكا الشمالية
- حوض امريكا اللاتينية
صفات حوض الترسيب العربي
- اكثر من 65% من مخزون النفط العالمي موجود في حوض الترسيب العربي الكبير.
- يعد من اغنى بقاع الارض بالنفط والغاز الطبيعي.
- يوجد في اكبر حقل نفط على اليابسة (الغوار).
- واكبر حقل مغمور (السفانية).
- واكبر حقل غاز في العالم. (حقل غازالشمال).
المميزات الجيولوجية لحوض الترسيب العربي الكبير
- استمرار ترسيب الصخور بمختلف انواعها لفترة طويلة منذ ما قبل العصر الكامبري حتى العصر الحديث.
- تعاقب ترسيب الصخور الغنية بالمواد العضوية (المولدة) مع الصخور ذات المسامية والنفاذية (التخزين) مع الصخور عديمة النفاذية (حابسة).
- غياب الحركات الارضية العنيفة التي تسبب تشوبه الطبقات وتصدعها وهروب ما تجمع بها من النفط الى سطح الارض.
- نتوفر العوامل الطبيعية من حرارة وضغط وتفاعلات كيميائية لتكوين النفط.
- تكون مختلف المصائد الطبقية والبنائية الكبيرة لخرن النفط الخام.
تصنيف النفط الخام
يعتمد تصنيف النفط الخام في العالم على معياريين رئيسيين هما الكثافة ونسبة الكبريت الموجودة فية:
الكثافة
يصنف النفط الخام وفق هذا المعيار الى نفط خام خفيف اذ يكون صاحب السعر الاعلى وذلك لسهولة عزلة واشتقاق مشتقاتة (البنزين ، ديزل ، وقود الطائرات .....الخ) لاحقا.
ونفط خام ثقيل ويكون سعرة اقل من الخام الخفيف بدولار او دولاريين.
ويتم تحديد هذا التصنيف (خفيف وثقيل) من خلال مقياس خاص ابتكرة معهد البترول الامريكي يدعى (API).
وعلى اساس هذا المقياس يعتبر النفط خفيفاً اذا سجل 38 درجة او اعلى على هذا المقياس ، ويعتبر النفط ثقيلاً اذا سجل 22 درجة او اقل.
نسبة الكبريت
اغلب النفط الخام المتداول في الاسواق العالمية يكون من الانواع الثقيلة الحامضية (60%).
اشهر الخامات النفطية
خام برنت
وهو عبارة عن مزيج نفطي من 15 حقلاً في منطقتي برنت وتينيان ( معضمها في النرويج والمعضم الاخر في المملكة المتحدة) حيث تنتج اكثر من 500 الف برميل في اليوم، ويعتبر مقياساً لتسعير ثلثي الانتاج النفطي العالمي. وذلك لكونه يعد من الانواع الخفيفة الحلوة حيث يبلغ وزنة النوعي(API) 38 درجه ونسبة الكبريت 0.37%.
خام غرب تكساس
وهو ايضا احدى خامات القياس العالمية حيث يستعمل لتسعير انواع النفط الخام الاخرى وخاصة في امريكا الشمالية التي تعتبر اكبر سوق للنفط الخام في العالم، وذلك لكونه يعد ايضا من الانواع الخفيفة الحلوة حيث يبلغ وزنة النوعي (API) 39.6 درجة ونسبة الكبريت فية 0.24%، ويباع بسعر اعلى من خام برنت بنحو دولار او دولارين وذلك لجودتة.
سلة اوبك
تعتبر ايضا مقياساً متوسطاً لتسعير الخامات النفطية للدول الاعضاء في منظمة اوبك، النفط المنتج في هذه السلة يعتبر اثقل من خام برنت وخام غرب تكساس لذلك سعرة يكون اقل بدولار او دولاريين.
المصادر
- محمد بن سعد الشريف. 8-4-2012. جيولوجيا النفط. تم الاسترجاع 23-4-2023.